لماذا يفشل الناس في تحقيق أهدافهم؟ (7 أسباب وحلولها)

كم مرةً جلسنا مع بداية سنة جديدة، أو حتى مع بداية أسبوع جديد، لنكتب قائمةً طويلةً من الأهداف، ثم بدأت حماستنا تتلاشى شيئاً فشيئاً مع مرور الأيام؟ ثم وجدنا أنفسنا نبتعد عن تلك الأهداف وكأنّها لم تكن يوماً من أولوياتنا.



جميعنا مرّ بهذا الإحساس؛ ليس لأنّنا نفتقد إلى الإرادة، بل لأنّ أسباب خفيّة تجعل الطريق أصعب مما توقعنا. لكن الجميل أنّه يمكن فهم هذه الأسباب والتغلب عليها.

السبب 1: غياب الرؤية

"دون أهداف وخطط للوصول إليها، أنت مثل سفينة أبحرت بلا وجهة" - فيتزهوغ دودسون.

غياب الرؤية هو جوهر المشكلة وأكثر سبب أهميةً. لنتخيل أنفسنا في محطة قطار؛ حيث تستعد عشرات القطارات للانطلاق، فهل نصعد إلى أي قطار دون أن نعرف وجهته؟ يجعلنا غياب الرؤية كذلك تماماً.

الرؤية هي الصورة الكبيرة التي تمنح الهدف معناه، وهي بمنزلة البوصلة التي توجه قراراتنا وأفعالنا؛ إذ يزيد تحديدها احتمالية النجاح في تحقيق الأهداف.

وتشير دراسة نشرت في مجلة (Entrepreneur) إلى أنّ الأشخاص الذين دوّنوا أهدافهم، كانوا أكثر قدرةً على تحقيقها بنسبة 42%.

إليك الحل:

خذ لحظة لتهدأ، واسأل نفسك بصدق:

  1. ما الحياة التي أريد أن أعيشها في السنوات الخمس القادمة؟
  2. ما السبب الحقيقي وراء هذا الهدف؟

"يؤدي غياب الرؤية إلى الفشل في تحقيق الأهداف؛ لأنّها البوصلة التي تحدد القرارات القادمة".

السبب 2: أهداف غير واقعية

أحياناً، نضع أهدافاً أقرب ما تكون إلى جبل شاهق؛ أي أنّنا نشعر بالإرهاق لمجرد النظر إليه، على الرغم عدم تسلّقه بعد؛ مثل شخص لم يمارس الرياضة يوماً، وقرر خوض ماراثون للركض بعد شهرين.

إليك الحل:

لا تخف من الأهداف الكبيرة. تذكر المقولة: "لا تقلق بشأن الفشل، بل بشأن الفرص التي تضيعها عندما لا تحاول" - جاك كانفيلد.

إذاً، عليك اتباع ما يلي:

  1. تجزئة الأهداف الكبيرة إلى أهداف صغيرة متعددة؛ فإن كان هدفك خسارة 20 كيلو جرام مثلاً، حوّله إلى خسارة 2 كيلو جرام في الشهر.
  2. التركيز على الخطوات الصغيرة لتعزيز الدافع وتحقيق التقدم للوصول إلى الهدف الكبير.

أكدت دراسة من "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review)، أنّ التقدم في تحقيق هدف ما، يُعد أقوى محفّز داخلي لدى الأفراد. فعندما يرى الشخص النجاح، مهما كان بسيطاً، يشعر بالرضا والحماس لمتابعة العمل.

"تُعرف الأهداف غير الواقعية بانّها أهداف غير مناسبة لطاقتك ومواردك؛ إذ تشعرك باليأس منذ البداية، فتتخلّى عنها".

السبب 3: عدم المتابعة

"المتابعة هي مفتاح النجاح" - أليكس مورغان.

يشبه وضع الأهداف دون مراجعتها بانتظام ومتابعة التقدم، السير في طريق جديد دون النظر إلى خريطته؛ فقد نضلّ وجهتنا في أية لحظة. لذلك، تُساعدنا المتابعة الدورية على الحفاظ على مسارنا؛ لأنّها تزيد الوعي الذاتي وتحدد العقبات مبكراً.

إليك الحل:

  1. اجعل المتابعة جزءاً أساسياً من روتينك الأسبوعي وخصص 15 دقيقة لمراجعة ما قمت به وما لم تقم به، وما السبب وراء ذلك.
  2. استخدم أدوات بسيطة، كدفتر، أو تطبيق على الهاتف، أو جدول على ورقة للمتابعة.
  3. احتفل بالإنجازات الصغيرة لتعزيز التحفيز.

وجد الباحثون في دراسة أنّ الأشخاص الذين راقبوا نفقاتهم بانتظام، كانوا أكثر قدرةً على تحقيق أهدافهم المالية بنسبة 40% مقارنةً بغيرهم.

"يزيد تتبُّع التقدم من احتمالية تحقيق الأهداف زيادةً كبيرةً؛ لكونها تزيد الوعي وتحدد العقبات التي تعترض طريق النجاح".

شاهد بالفديو: 7 خطوات لتقبّل الفشل والنهوض لتحقيق النجاح

السبب 4: ضعف الحافز

يُعد الحافز بمنزلة الوقود الذي يمدّنا بالقوة لمواجهة التحديات؛ إذ عندما يكون الهدف نابعاً من قيمنا وأحلامنا، يصعُب علينا التخلّي عنه. أما الأهداف التي يفرضها الآخرون، فتفقد بريقها سريعاً.

"إنّ الدافع هو ما يجعلك تبدأ. أمّا العادة، فتجعلك تستمر" - جيمس كلير.

في دراسة نُشرت في مجلة (Psychological Bulletin)، وجد الباحثون أنّ الأهداف التي تنبع من الاهتمام الشخصي والقيمة الذاتية، تُعد أهدافاً قويةً وتزيد احتمالية تحقيقها مقارنةً بغيرها.

إليك الحل:

  1. اسأل نفسك: لماذا أريد تحقيق هذا الهدف؟ وهل هو هامّ بالنسبة لي؟
  2. ابحث عن طرائق تجعل رحلة النمو الذاتي ممتعةً، وليس النتيجة فقط.

لذا، إن كان هدفك خسارة الوزن، استمتع بتناول وجبات صحية متنوعة، وجرّب وصفات جديدة باستمرار.

"الأهداف غير المتوافقة مع الأهداف الحقيقية والمفروضة من الخارج، تفتقر إلى التحفيز، ويصعُب تحقيقها".

إقرأ أيضاً: كيف تعالج الافتقار إلى الحافز بخمس خطوات بسيطة؟

السبب 5: التسويف

يُعد التسويف عدوّنا اللدود في رحلة تحقيق الأهداف؛ إذ إنّه ليس مجرد كسل كما نتصور أحياناً، بل ظاهرة نفسية معقدة تتنكّر في صورة خوف. كثيراً ما نؤجل البدء؛ لأنّنا لا نعرف من أين نبدأ أساساً، أو لأنّنا نخشى الفشل أكثر مما نرغب بالنجاح.

لذا، نستبدل المهام الهامّة بأخرى أقل أهميةً أو أكثر متعة. مع مرور الوقت، تتراكم المهام وتُثقل كاهلنا، ويتلاشى حماسنا، فيستحيل علينا تحقيق أهدافنا.

إليك الحل:

  1. اتبع قاعدة الدقيقتين: إن كانت المهمة تستغرق ما يقلّ عن دقيقتين، فابدأ بها حالاً؛ إذ تخلق هذه القاعدة زخماً إيجابياً.
  2. قسّم المهمة: بدلاً من أن تقول: "سأتعلم لغةً جديدةً"، اجعلها: "سأتعلم 10 كلمات جديدة اليوم".
  3. اربط الأهداف: بشغفك لتصبح عملية السعي إلى الهدف ممتعة.

"الطريقة الوحيدة لإنجاز عمل عظيم هي أن تحب ما تفعله" - ستيف جوبز.

بحسب دراسة نشرت في (Journal of Social Behavior and Personality)، وجد الباحثون أنّ التسويف ليس مجرد مشكلة في إدارة الوقت، بل استجابة عاطفية سلبية للمهام المجهدة.

"كلما زاد القلق أو الخوف من الفشل في تحقيق الأهداف، زاد التسويف – وهو عدو لدود للنجاح".

السبب 6: غياب التخطيط

"الهدف دون خطة هو مجرد أمنية" - أنطوان دو سانت إكزوبيري.

لا تكفي الرؤية وحدها، كما لا تتحقق الأهداف الكبيرة وحدها. لذا، نحن بحاجة إلى جسر يربط الحلم بالواقع؛ خطة واضحة، وجدول زمني، وخطوات محددة.

بالتالي، لضمان نمّونا الذاتي وتحقيق أهدافنا، يجب أن يكون البناء على أساس صلب؛ إذ يسير كثيرون دون خريطة واضحة، فيتوهون ويستسلمون في نهاية المطاف.

إليك الحل:

  1. اكتب خطتك على ورقة أو تطبيق رقمي، وحدد الإجراءات المطلوبة، والأشخاص الذين تحتاج مساعدتهم، والمواعيد النهائية.
  2. توقع التحديات، وفكر في كيفية التغلب عليها؛ إذ يساعدك التفكير المسبق على المواجهة الفورية.

أظهرت دراسة أُجريت في جامعة ولاية ميشيغان أنّ الأشخاص الذين يدوّنون أهدافهم وخطوات عملهم، كانوا أكثر نجاحاً بنسبة 33% مقارنةً بغيرهم.

"التخطيط الشخصي ليس مجرد إجراء روتيني؛ إذ يؤدي غيابه إلى الفشل؛ لأنّه يعزز الالتزام والعمل الجاد".

السبب 7: مقاومة التغيير

لن نتطور داخل منطقة الراحة، لكنّ العقل البشري يفضل المألوف والمريح، حتى لو لم يكن مفيداً. لذلك، نميل إلى العودة إلى عاداتنا القديمة كلما حاولنا التغيير إلى الأفضل والخروج من منطقة الراحة.

بالتالي، تثير هذه العملية في العقل البشري شعوراً بالتهديد وعدم الأمان، مما يدفعه إلى مقاومة التغيير والعودة إلى المألوف والمريح، حتى لو عرقل تطوره.

بحسب (Sciencedaily)، تظهر الأبحاث أنّ العادات هي المسؤولة عن 40% من سلوكاتنا اليومية. ومنه نستنج أنّ مقاومة التغيير ليست ضعفاً في الشخصية، بل عملية بيولوجية يمكن التغلب عليها بالوعي والتخطيط.

إليك الحل:

  1. تقبّل الانزعاج واعترف بعدم الراحة؛ إذ إنّها جزء طبيعي من عملية النمو الذاتي.
  2. ابدأ بخطوات صغيرة، ولا تحاول تغيير كل شيء دفعةً واحدة.
  3. كن لطيفاً مع نفسك، فإنّ فشلت اليوم، لا تستسلم، وابدأ مرةً أخرى.

تذكر: "لا يمكنك العبور إلى المحيطات الجديدة ما لم تكن لديك الشجاعة لتفقد رؤية الشاطئ" - أندريه جيد.

"تنتج مقاومة التغيير عن الشعور بالتهديد وعدم الأمان؛ إذ لا تُعد ضعفاً في الشخصية، ويمكن التغلب عليها بالوعي".

ها قد مررنا سوياً على أهمّ أسباب الفشل في تحقيق الأهداف، وقدمنا حلول تساعدك على التخطيط الشخصي والمحافظة على التحفيز والحماس. أمّا الآن، أصبحت تمتلك خارطة الطريق للنجاح، وتعرف أنّ النجاح أو الفشل ليس قدَراً، بل نتيجة وعي، وسعي، وتحفيز.

إقرأ أيضاً: كيف تنجح في تحقيق أهدافك؟

في الختام

لن تكون رحلة تحقيق الأهداف مثالية؛ إذ سنخطئ، ونتعثّر، ونعود إلى البداية مرات عدة، إلا أنّ الفارق بين من يصل ومن يتوقف هو الاستمرار رغم العقبات.

اكتسبنا اليوم، من مقالنا هذا، وعياً أعمق بالأسباب التي تؤخّر تحقيق أهدافنا، إضافةً إلى حلول عملية للنهوض من جديد. لذا، لنبدأ بخطوة صغيرة، ونثق أنّ كل خطوة مهما كانت بسيطة تقرّبنا أكثر من الحياة التي نستحقها.




مقالات مرتبطة